عامر فلاتهمقالات

( معركة قضم الأصابع )

الصراع الوجودي بين المواطن ( الفلسطيني ) والمستوطن ( الصهيوني ) لا خلاص منه ولا سلام فيه مالم تتغير وتتبدل عقيدة أحد الفريقين. فالأول يعتنق معتقدا ( دينيا تاريخيا ) بأنه صاحب ( الأرض المملوكة )، والثاني يعتنق معتقدا ( توراتيا تلموديا ) بأنه صاحب ( الأرض الموعودة )، معادلة نتيجتها صفرية بالنظر إلى الحالة الواقعية.

( الدعم الدولي والشعبي والاستراتيجي )

ظل ومازال وسيبقى هذا الصراع ممتدا ما وجد كلا الفريقين دعما دوليا أو شعبيا أو استراتيجيا يغذيه ويدعمه بمختلف الطرق المشروعة وغير المشروعة.

( دوليا )

بات من المؤكد فقدان الأمل في جدوى تسوية الصراع عبر المساعي الدولية تحت مظلة القبة الأممية، لاسيما بعدما بلغت ( الوقاحة أشدها ) بخروج تصريحات دولية رسمية تعلن انحيازها ودعمها الكامل واللامحدود لأحد المتصارعين على حساب الآخر و ( الجريمة مبلغها ) بتشجيع مخالفة مبادئ وقواعد الحرب من إبادة جماعية وتهجير للعزل والمدنيين على مرئى ومسمع من العالم بطريقة تؤكد أن لا مكان لمصطلحات ( الحقوق والإنسان والقانون ) في الصراعات المسلحة.

( شعبيا )

رغم أن تأثيرات الصراع تبدو للوهلة الأولى مقصورة على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، إلا أن الواقع الاقتصادي الإقليمي والدولي خلال الصراعات الطويلة دائما ما تكون له كلمته.

فمن ناحية أولى : هناك في الجانب الفلسطيني الغربي ( سيناء مصر وقناة السويس المعبر )  ونزوح الجانب الفلسطيني لتلك المناطق وامتداد رقعة الصراع إليها من شأنه زعزعة استقرارها ومضاعفة قيمة فاتورة التأمين التجاري والسلع الضرورية على المستورد والمستهلك الأوروبي  وبالتالي زيادة معدلات التضخم بشكل غير مسبوق قد يهدد مراكز صناع القرار في تلك الدول ويدخلها في مرحلة الهيجان والغليان الشعبي غير المتوقع والمعهود.

ومن ناحية ثانية : فالوصول الفلسطيني غير المسبوق للعمق الصهيوني وأسر عدد من القياديين العسكريين أحدث حالة فزع وعدم ثقة شعبية غير مسبوقة في الحكومة والجيش وتسببت في فرار عدد كبير منهم إلى الخارج وإغلاق مجموعة من المنشآت وخسارة في قيمة أسهم الشركات، الأمر الذي وضع الحكومة والجيش أمام مواجهة شعبية من جانب بعض الفصائل اليهودية المناوءة.

ومن ناحية ثالثة : فإن استمرار الصراع بشكل انحيازي غير عادل، والحصار على غزة بشكل خانق، قد ينقل ساحة الصراع إلى خارج فلسطين من خلال التحركات الشعبية المناصرة والمدعومة من المعسكر الشرقي ( الصيني والروسي ) ضد مصالح إسرائيل وحلفائها في مختلف أقطار العالم وهذه المسألة رغم أهميتها تبدو غائبة.

( استراتيجيا )

في حرب الوجود الإقليمي والمسح الديمغرافي، من الممكن واليسير التخطيط للحرب وكتابة سيناريو البداية، لكن لا يمكن بأي حال من الأحوال توقع سيناريو النهاية في ظل المتغيرات على أرض المعركة، والتحالفات الظاهرة والخفية، والمصالح الاستراتيجية العابرة للقارات، فالمعسكر الشرقي ( الصيني والروسي ) لن يروق له انفراد المعسكر الغربي ( الأمريكي والأوربي ) بالتحرك على الأرض، كما أن بسط السيطرة الكاملة على مفاصل الأرض المتنازع عليها بالتواجد العسكري لا يمكن أن يكتمل مع وجود النضال الشعبي، وقد جرب العالم ذلك غير مرة خلال حربي الاتحاد السوفيتي والتحالف الأمريكي ضد المجاهدين الأفغان.

مخجل جدا محاولة التقليل من حجم وأهمية الطوفان الذي أطلقه أسود الأقصى، والذي يعد تعبيرا موضوعيا عن حالة الغليان التي خلفها حصارهم لسنوات طويلة، ولعل من أبرز ما قد يحققونه جراء ذلك الطوفان تعزيز مكانتهم ورفع سقف مطالبهم على طاولة التفاوض الأممية.

وارد جدا أن يلجأ الطرفان مقابل تبادل الأسرى إلى التهدئة، لكن يبدو أن لا سلام دائم مالم تتغير العقيدة.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى